الأحد، 7 أغسطس 2011

المومياء الناطقة - قراءة في إنجازات القذافي


في رحلة بحثه عن ذاته، فشل الفتي الملىء بالعقد تجاه المدن ... البسيط ... ابن الصحراء مدعي القداسة .. في ايجاد شخصية لنفسه ترضي جشع غذته مصالح عالمية لتجعل منه بديلا عن ملك امتنع عن تمويل مخططات العم سام في افريقيا بحجة ضرورة موافقة البرلمان .. هذه الشخصية التي سُوِق لها كمحرر للبلاد من قواعد امريكية وانجليزية ضخمة علي التراب الليبي  في حين أن دولا عظمي كألمانيا واليابان عجزت عن ذلك حتي هذا اليوم فما بالك بشاويش وجيش ليبي لا يتجاوز عديد افراده السبعة الآف ،،

أقول عجز بطلنا عن مجاراة الشخصية التي صنعت له فصار يقلد رموزا تاريخية عالمية كانت في كثير من الاحيان متناقضة .. فمن تقمص لشخصية جمال عبدالناصر  (بدعواته العلمانية المغرضة للقومية العربية التي امتصت حيوية الشعوب للإنتاج والعلم) الي فولتيير وروبسبير منظري الثورة الفرنسية (بتأسيسه أول جماهيرية علي غرار أول جمهورية في فرنسا و استخدام المشانق في الشوارع والجامعات) ومن ثم تنافسه الخيالي مع عمر ابن الخطاب(ر)  - بتظاهره بالزهد والعيش في الخيام وإظهار نفسه كذبا كعادل ونصير للبسطاء ، الي تقمصه دور إمام فاطمي  (ودعوته الواضحة لإقامة الدولة الفاطمية وإدعائه الإمامة والنسب الشريف) الي نيلسون مانديلا (من خلال تسويق نفسه كرجل سلام في الأزمات  في الفلبين  وجنوب الجزائر وموريتانيا وغيرها في الفترة الاخيرة مع فارق  إنه يقوم بذلك بالمال وليس بالوجاهة وأخيرا دور ملك ملوك الوثنيين الافارقة لكي يرضي إعتقاده بأنه إله معبود ...
تخبط يليق بروح ضلت الطريق ،، روح تعاني من نقص مزمن ،، روح أعطيت درواً فريدا أكبر من أن تصدقه في الوصاية علي بلد ثري بأخلاقه وثرواته وبعصاميته ،، بلد هذه مواصفاته في نهاية الستينات:

مليوني مواطن بسيط وحالم بمستقبل أفضل في وجود ثروات هائلة
ثلاثة ملايين برميل نفط تصدر يوميا (الطاقة الانتاجية آنذاك) وشاطىء ثري بما عليه وما فيه و تاريخ وآثار لا تمل.
شعب نزيه يغضب ويضرب إذا حاولت رشوته 
أمان في الشوارع لدرجة أن محلات الذهب تبقي مفتوحة وشاغرة وقت الصلاة.. نظام لدرجة أن مدرعات إنقلاب سبتمبر إحترمت الإشارة الضوئية الجمراء وهي في طريقها للإنقلاب.
شعب محافظ أخلاقيا لدرجة أن المرأة ا تلبس للحاف (الفراشية)  من سن البلوغ  
نظام ملكي دستوري ،، وهو علي الرغم من عدم ديمقراطيته الانتخابية الا أنه يعد أقرب الشعوب العربية اليها وفي طوره للمطلق فيها

ما هذا الذي نسمعه .. ان الليبيين بهذه المواصفات مقبلين علي إنشاء سويسرا ثانية بما لديهم .. هذا بعيد عن أعينكم ايها الليبيين .. لن يحدث هذا وسوف تضربون بالسلاح الذي لا يقهر .. إنه سلاح صنع في الغرب ولا يستخدم الا في الشرق ... سلاح الاشتراكية وما يرافقه من شعارات مفصلة علي منطقتنا .. مفعوله أكيد ..

لننظر الي النتائج التي أحرزت في أقل من 20 سنة:


ستة ملايين ليبي فاقد للأمل في مستقبل مختلف .. ورب أسرة  يخجل من أهله و أبناءه لضعف ذات اليد وعجزه عن توفير الاساسيات .. 
متوسط سن زواج  تعدي 37 سنة مع انعكاسات ذلك علي خصوبة منخفضة للدولة الليبية .
إنتاج نفطي مستنزف وضياع ما يزيد عن 3 تريليونات دولار من عائدات النفط والاستثمارات المركبة التراكمية لهذه العوائد.
استشراء الرشوة بل وأصبحت حقوق مكتسبة لمعظم الكوادر الادارية في أجهزة الدولية (حاشا الشرفاء)
فقدان الامن وتحول بيوت الليبيين ومحلاتهم الي ترسانات وقلاع خوفا من السرقة و وإنحدار مستوي الخدمات الحكومية والخدمية .
استشراء الرذيلة  لإنتشار الفقر و لغياب سلطة رب الاسرة لصعوبة قيامه بدوره في توفير الاحتياجات ،،، إختفاء الفراشية تماما ... لكم في أخلاقيات الجامعات الليبية مثال واضح ..
استشراء الكراهية بين الليبيين ، وصلنا الي المستوي الذي يكره فيه الليبييون جيرانهم،، وإنتشار الحسد رغم أن الليبيين كانو يعيشون عائلات ضمن بيت واحد .
نظام فوضوي لا يبشر بالاستقرار ولا بالوضوح ،، وغياب الخطط التنموية متوسطة وبعيدة المدي وتغذية النعرات القبلية والمناطقية .. .. 
هجرة العقول وعزوف الخريجين عن الوظائف لعدم قدرتها علي توفير الحد الأدني من الحاجات المالية ... الحاصلين علي البكالوريوس يتقاضون200 دينار شهريا سنة 95 (70 دولار أنذاك ) ..

هل هناك أفضل من هذا ... نتائج باهرة ... يصعب تحقيق  هذه المفاسد لمجرد الاهمال أو الجهل فقط .!!! أتصور انه كان منهجا ..
هذا الكائن دمر مقدرات وموارد وخصائص يصعب استرجاعها ... كالحيد المرجاني الجميل الذي يدمر ،،، يصعب إحياءه ويحتاج سنينا طويلة...

المزعج أن هذه المومياء لا تتوقف عن صفاقة الكذب والادعاء ... لا تكف عن إدعاء المجد ... كأني به نعيق غربان فوق ساحة معركة إفتعلها ليطيل بقاؤه أياما ... عن أي مجد تتحدث؟؟ .. إذا اردنا أن نتصور ما حدث علي انه مجد فلابد ان نكون من الاعداء .. من إسرائيل علي سبيل المثال.. حيث نكون قد أفقدنا بلدا كبيرا مقومات كان يمكن أن تجعل منه ندا..

سأضع مثالا عن مستوي الانجاز في الخدمات و البنية التحتية في عاصمة المدن الليبية .. كم مضي عليك سيدي القارىء منذ أن شاهدت آخر رجل أعمي يجوب طرق طرابلس بعصاه وحده ؟ .. ستحتار لتجيب لأن لا وجود للعميان في ليبيا اليوم،،  ليس بسبب الرعاية والعلاج .. بل لأنهم ماتو جميعا .. بعضهم سقط في بالوعات الطرقات  أو حفرة ما ، بعضهم صدم لوحا إعلانيا ،، بعضهم دهسته سيارة وأغلبهم مات قهرا من الإهمال ....  تلك هي البني التحتية في ليبيا ..
لن أتكلم عن فاقدي السمع ،، والذين أحسدهم علي منة عدم سماع أكاذيب ..

لقد إنتهت هذه المسرحية ،، وليس لديك أي مجال للإستمرار ،، ولعلمك ، من صنعك إندهش من استمرارك بعد الثمانينات ، ويعتبر هذه الفترة الاضافية هي جائزة له غير متوقعة من الشعب الليبي .. كنت تعالج كوارثك بالمال ،، بثروات الليبيين ..
الآن ،، لم تعد تملك هذا المال الذي كنت تشتري به ذمم العالم .. إسترجعه اصحابه .. ولن تذكر في التاريخ الا كما تذكر العلقة ... علقة التصقت بجسد الليبيين تمتص دماءهم ... وتمن عليهم بخيرهم ... أو كمومياء تعيش في غير عصرها ..

وليد الصيد