الجمعة، 17 فبراير 2012

عاود عاود يا ملاح

أذكر لقاءاً تلفزيونيا للشيخ زايد بن سلطان رحمه الله يسأله المذيع أثناءه عن إنشاء مشروع ما في إحدي المناطق فكان رده ما يعجز عنه كل الرؤساء العرب بما فيهم رؤساء المجالس الانتقالية... رد بالقول ان هذا الامر يبُث فيه اصحاب الرأي والعلوم في هذا المجال.. لم يبتكر إجابة قد لا تكون ذات جدوي للمجتمع،،،، هذه الثقافة هي بالضبط التي صنعت معجزة الامارات العربية المتحدة.
لست أطعن في قيادتنا الحالية فلهم مآثرهم ومواقفهم المشهود لها ولكن القيادة تعني الإدارة ،، والإدارة تعني تشغيل كل فرق العمل التي تعمل معك.


بالأمس القريب اعلن المجلس الانتقالي أنه سيقوم بتوزيع عدة الاف لكل عائلة ليبية في خطوة لا يمكن ان تبرر اقتصاديا بل سياسيا، وعلي الرغم من اعتقادي بجدواها للكثير من الليبيين ونفعها لتحريك السوق الداخلي مع ما يستدعيه ذلك من جهد كبير للمصرف المركزي لإحتواء اي تضخم قد يضاف لذلك الذي ينخر أوصال اقتصادنا، الا انني اقول أنه كان يمكن ان توظف هذه المبالغ وغيرها في امور افضل لنا كلنا.
 فمن اكثر المصطلحات التي نجح المقبور في زرعها ضمن قاموس اللغة اليومية لليبيين هي توزيع الثروة . او حصتي من الثروة .


ما اكاد اصرخ وانا أحاول شرحه ان توزيع الثروة او الحصص لا يتم نقدا في دول العالم . فلم نشاهده في النرويج او الامارات او السعودية حيث الفوائض والإيرادات خرافية.
ان الثروة توزع علي المواطنين عبر خلق البيئة المتطورة من حيث الصحة والتعليم والمرتبات ومستوي الاكل والمركوب . القدرة علي الاطلاع والسفر والاستمتاع بالحياة . عبر إنشاء المدن الصناعية والعلمية والطبية التي توفر مئات الاف فرص العمل وتستطيع منافسة باقي الدول.،، وعبر إمتداد التخطيط العمراني للمدن المكتظة..


هذا بالضبط ما نريد توزيعه علينا لا ان نأخذ بضعة الاف كل سنة لا تكفي لعملية زائدة دودية واحدة في احدي المصحات التونسية.


كان حريا بالمجلس ان يبتعد عن اسلوب القذافي في إسكات الليبيين البسطاء عبر توزيعات تكلف الخزينة خمسة مليارات في الوقت الذي يقول فيه ان الدولة ستعاني عجزا .
كان من الممكن خلق بني تحتية في مناطق عمرانية جديدة تكون ضمن المخططات في طرابلس وبنغازي والمدن المكتظة لتقلل اسعار الاراضي وتوفر اكثر الأشياء التي تؤرقنا ، اي وجود سكن نموذجي يجاور المستشفي النموذجي والمدرسة الخلاقة بعيدا عن العشوائيات ولا يكون متكرر انقطاع الكهرباء علي سبيل المثال.
للأسف . من قرر هذا الشئ بعيد جدا عن فقه التنمية والاقتصاد .. لا يملك الا الحلول السطحية التي شكلت حياتنا عبر اربعة عقود .... ثقافة شراء الذمم واستنزاف الهمم ..
تمنيت ان ينشئ المجلس او الحكومة مجلسا اقتصاديا استشاريا تكون له اليد الطولي في تقرير افضل اوجه صرف مقدراتنا وما تبقي من نفط ليصرف من اجل خلق تنمية مستدامة لا تن تصرف هذه المقدرات في العلاج والسياحة بالخارج.


قد يجيب البعض بأن المجلس والحكومة الحالية لا تملك صلاحيات التعاقد أو التصرف بالأموال .. ولكنها ها قد تصرفت بما يوازي دخلا قوميا لبعض الدول الأخري  وبشكل جائزة تشكل فارقا كبيرا في مستوي معيشة الملايين.. كان الأجدي حصرها فيمن يحتاجها ومضاعفتها في نفس الوقت.


في تونس علي سبيل المثال هناك مايزيد عن عشرة الاف مؤسسة صناعية فيما لا يزيد عن ثماني مناطق صناعية يذهب ثلث انتاجها للحدود الليبية . كل هذه المؤسسات مملوكة للقطاع الخاص سواء كان اهليا او استثمارات اجنبية . لكم ان تتصورو ما تستغني عنه تونس من توريدلت اضافة الي جلب المليارات من البدو الذين هم نحن.
تخطيط المدن الجديدة لا يكلف الكثير سؤال كامت صناعية او سكنية فهو لا يكلف الا التخطيط ووضع المرافق السيادية ، اما البناء فهو دور السكان... دور أدوات الاقتصاد الوطني ودور البنوك المحلية القادرة علي التمويل.


سأختم بالقول الليبي الشهير .. إنشالله خير ولكني سأضيف تأكيدا أن ...فاقد الشئ لا يعطيه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق